[center][color:ebe3=green][size=24]
أحمد بحيري مقالات منوعة
مضى عهد النوم.. يا خديجة
إن الحمد لله.. نحمده و نستعينه و نستهديه و نستغفره..
و نعوذ بالله من شرور أنفسنا و من سيئات أعمالنا..
من يهده الله فلا مضل له.
و من يضلل فلن تجد له وليا مرشدا..
أما بعد..
فما زلنا مع سيرة الحبيب "ص"..
و اتكلمنا عن شخصية النبي "ص".. و اتكلمنا عن الرسالة و مكانتها و أهميتها في حياتنا..
و اتكلمنا عن كيف أعد الله سبحانه و تعالى كل الظروف اللازمة لاحتضان هذه الرسالة..
و تكلمنا في اللقاء الماضي عن زواج النبي"ص" بالسيدة خديجة.. الة نزول الوحي لأول مرة بـ إقرأ..
عرف محمد "ص" انه نبي آخر الزمان..
و استعد نفسيا لهذه المهمة الصعبة..
و عرف ان الطريق مش سهل..
"ليتني أكون فيها جذعاً إذ يخرجك قومك"
و بدأت تنزل الآيات..
"يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ {1} قُمْ فَأَنذِرْ"
"يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ {1} قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلاً"
قم.. قم...
خلاص يا محمد.. بدأ الجد..
الحياة مابقتش زي ماكنت تعرفها قبل كده..
لقيت اجابة السؤال اللي كنت بتدور عليه.. و كلفت بحمل أشرف رسالة في الوجود.. رسالة الأنبياء..
اللي يعيش لنفسه .. يمكن يعيش مستريح.. و مبسوط..
بس هايعيش صغير.. و يموت صغير..
لكن اللي يحمل رسالة زي دي..
واللي يحمل هم أمة بحالها..همه انه ينقذها من الضلالة.. و ياخد بايديها الى طريق النجاة..
ماله و مال النوم؟
و ماله و مال الراحة؟
{قُمْ فَأَنْذِرْ}
نزلت على النبي"ص" فقام و شمر و قال : «مضى عهد النوم يا خديجة»
خلاص..
ايام النوم و الهدوء و الرتابة راحت..
و بدأ عمر جديد ..
عمر من السهر.. و التعب.. و الجهاد الطويل المستمر..
بدأت الدعوة..
و تأمل معايا.. و شوف النقلة العظيمة اللي جه بيها الإسلام..
شوف الإنسان ازاي ممكن يبقى معجزة..
احنا قلنا في أول لقاء..
"ان رسالة الإسلام هاتنقل البشرية من عالم المعجزات المادية.. الى عالم المعجزات الفكرية..
الرسالة اللي هاتخلي الإنسان نفسه معجزة.. يوم مايحملها و يعمل بها.."
و تعالى نشوف في القرآن قصص الأنبياء من قبل و شوف طبيعة الرسالات..
هاتلاقي ان الوحي كان مع كل نبي خطوة بخطوة.. افعل كذا.. و قل كذا..
فنلاقي في سورة هود.. قصة سيدنا نوح
"حَتَّى إِذَا جَاء أَمْرُنَا وَفَارَ التَّنُّورُ قُلْنَا احْمِلْ فِيهَا مِن كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلاَّ مَن سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ وَمَنْ آمَنَ وَمَا آمَنَ مَعَهُ إِلاَّ قَلِيلٌ {40"
و قصة سيدنا موسى.. في سورة طه
"وَلَقَدْ مَنَنَّا عَلَيْكَ مَرَّةً أُخْرَى {37} إِذْ أَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّكَ مَا يُوحَى {38} أَنِ اقْذِفِيهِ فِي التَّابُوتِ فَاقْذِفِيهِ فِي الْيَمِّ فَلْيُلْقِهِ الْيَمُّ بِالسَّاحِلِ يَأْخُذْهُ عَدُوٌّ لِّي وَعَدُوٌّ لَّهُ وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِّنِّي وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي {39} إِذْ تَمْشِي أُخْتُكَ فَتَقُولُ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى مَن يَكْفُلُهُ فَرَجَعْنَاكَ إِلَى أُمِّكَ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا وَلَا تَحْزَنَ وَقَتَلْتَ نَفْساً فَنَجَّيْنَاكَ مِنَ الْغَمِّ وَفَتَنَّاكَ فُتُوناً فَلَبِثْتَ سِنِينَ فِي أَهْلِ مَدْيَنَ ثُمَّ جِئْتَ عَلَى قَدَرٍ يَا مُوسَى {40} وَاصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسِي {41} اذْهَبْ أَنتَ وَأَخُوكَ بِآيَاتِي وَلَا تَنِيَا فِي ذِكْرِي {42} اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى {43} فَقُولَا لَهُ قَوْلاً لَّيِّناً لَّعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى {44} قَالَا رَبَّنَا إِنَّنَا نَخَافُ أَن يَفْرُطَ عَلَيْنَا أَوْ أَن يَطْغَى {45} قَالَ لَا تَخَافَا إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى {46} فَأْتِيَاهُ فَقُولَا إِنَّا رَسُولَا رَبِّكَ فَأَرْسِلْ مَعَنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَا تُعَذِّبْهُمْ قَدْ جِئْنَاكَ بِآيَةٍ مِّن رَّبِّكَ وَالسَّلَامُ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدَى {47} إِنَّا قَدْ أُوحِيَ إِلَيْنَا أَنَّ الْعَذَابَ عَلَى مَن كَذَّبَ وَتَوَلَّى {48}"
و في سورة الشعراء
"وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِي إِنَّكُم مُّتَّبَعُونَ {52} فَأَرْسَلَ فِرْعَوْنُ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ {53} إِنَّ هَؤُلَاء لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ {54} وَإِنَّهُمْ لَنَا لَغَائِظُونَ {55} وَإِنَّا لَجَمِيعٌ حَاذِرُونَ {56} فَأَخْرَجْنَاهُم مِّن جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ {57} وَكُنُوزٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ {58} كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا بَنِي إِسْرَائِيلَ {59} فَأَتْبَعُوهُم مُّشْرِقِينَ {60} فَلَمَّا تَرَاءى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ {61} قَالَ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ {62} فَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنِ اضْرِب بِّعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ {63} وَأَزْلَفْنَا ثَمَّ الْآخَرِينَ {64} وَأَنجَيْنَا مُوسَى وَمَن مَّعَهُ أَجْمَعِينَ {65} ثُمَّ أَغْرَقْنَا الْآخَرِينَ {66}"
حتى الألواح ينزلها الله على سيدنا موسى مكتوبة جاهزة..
"وَكَتَبْنَا لَهُ فِي الأَلْوَاحِ مِن كُلِّ شَيْءٍ مَّوْعِظَةً وَتَفْصِيلاً لِّكُلِّ شَيْءٍ فَخُذْهَا بِقُوَّةٍ وَأْمُرْ قَوْمَكَ يَأْخُذُواْ بِأَحْسَنِهَا سَأُرِيكُمْ دَارَ الْفَاسِقِينَ {145}" الأعراف
انما زي ماقلنا.. طبيعة الرسالة دي مختلفة.. دي آخر رسالة.. وده آخر نبي و رسول..
خلاص انتهى عصر المعجزات المادية..
الإنسان لازم يتعلم يعتمد على نفسه و يخطط و يعمل و يجتهد..
عشان كده طول ماحنا ماشيين مع السيرة هانلمس الحكاية دي جدا.. هانلاقي الوحي يادوب ينزل برؤوس الأفكار..
أما كيفية العمل.. ازاي هايتم تنفيذ الفكرة دي.. لأ.. اجتهد يا محمد "ص".. و خطط.. و اجتهدوا يا مسلمين.. و استعينوا بالله..
فمن البداية.. ينزل الوحي بإيه؟
""يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ {1} قُمْ فَأَنذِرْ" المدثر
طيب ازاي؟
ايه المنهجية؟
اعمل ايه بالظبط و اقولهم ايه يا رب؟..
زي سيدنا موسى زي ماشفنا في الآيات.. ربنا بيقول له حتى يقول ايه بالظبط لفرعون..
ليه يارب مانزلتش القرآن يعرف النبي "ص" بالتفصيل يعمل ايه بالظبط؟
لأ يا محمد..
اجتهد.. وري الناس ازاي الإنسان ممكن يكون معجزة .. لما يكون عنده هدف واضح و رؤية واضحة. و لما يجتهد و يعمل لتحقيق الهدف و الرؤية..
يا محمد..
علم الأمة دي ازاي تقف على رجليها و تعتمد على نفسها .. و ازاي تعيش لله.. فتنجح في حياتها.. و تنجح في أخراها
و لما يكون كل ده.. الهدف و الرؤية و التخطيط و العمل.. لما يكون كل ده في سبيل الله..
و فعلا..
مش هاتلاقي في التاريخ حد كانت الرؤية عنده أوضح من النبي "ص"..
هانشوف سوا التخطيط و التنظيم و الإدارة ماشيين ازاي من أول يوم بشكل دقيق..
مافيش تخبط.. مافيش اسلوب المحاولة و الخطأ..
البداية من الصفر شئ صعب جدا..
و خصوصا ان كل اللي معاك "قم فأنذر"..!!
يعمل ايه النبي"ص"؟..
يروح عند الكعبة و يجمع الناس و ينذرهم كلهم مرة واحدة.. و لما يتولوا يرجع لربنا يقول له كما قال سيدنا نوح:
" قَالَ رَبِّ إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلًا وَنَهَارًا (5) فَلَمْ يَزِدْهُمْ دُعَائِي إِلَّا فِرَارًا (6)" نوح..
يارب انا عملت اللي عليا زي ماقلت بالظبط..
مش قلتلي "قم فأنذر"؟.. اديني قمت و أنذرت..
لأ.. النبي "ص" مؤمن جدا بدعوته..
حريص جدا على نجاح الدعوة دي..
فيفكر.. و يجتهد..
و يمشي بخطوات واضحة.. مدروسة..مافيش فيها مجال للعفوية و الإرتجال..
لأن من سنن اللَّه الثابتة أن المقدمات الصحيحة تؤدي إلى النتائج الصحيحة.
المسألة ماكانتش ماشية "بركاوي" كده..
يفكر النبي"ص"
ياترى.. يكلم مين بالظبط.. و يدعو مين بالظبط..
و ياترى يدعو الناس علنا مرة واحدة والا يبدأ في السر؟
و لما يكلم الناس هايقولهم ايه؟.. و هو معاهوش معجزات.. مافيش معاه الا آيات بسيطة من القرآن..
ايه اللي يخليهم يصدقوه؟
و ازاي يبني النواة الصلبة للأمة دي.. ازاي يربيهم.. و ازاي يوجههم..
و ازاي يحافظ عليهم وسط مجتمع مكة الجاهلي؟
و ازاي يقدروا يمارسوا شعائر الدين ده من غير مايحصل صدام مع المشركين؟
و يدرس النبي "ص" البيئة اللي هايبدأ فيها الدعوة..
بيئة قبلية معقدة.. عبارة عن اسر أو قبائل بتتنافس على الشرف و الوجاهة و الزعامة..بحيث ان من المستحيل في الجو ده انك تقول نسوي بين الناس.. أو ان حد من ذوي الوجاهة و أهل النفوذ يقبل انه ينقاد لحد يكون أقل منه في المكانة الإجتماعية.. زي بلال مثلا..
عقدة الزعامة و الشرف.. اللي صورها القرآن الكريم..
" وَقَالُوا لَوْلَا نُزِّلَ هَذَا الْقُرْآنُ عَلَى رَجُلٍ مِّنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ {31}" الزخرف
كانت نظرة الجاهلية للإنسان هي نظرة " اللي معاه قرش.. يسوى قرش".. الوجاهة و الشرف لا يحوزهم إلا أهل الثراء و المال..و ليس المستضعفين و الفقراء من الناس..
و النبي "ص" جاي بدعوة هاتهدم كل الأصول الجاهلية دي..
ازاي تبدأ دعوتك يا محمد من غير ماتثير الناس عليك.. و تحسسهم ان الدعوة دي خطر عليهم.. فيتخذوا كافة الإجراءات للقضاء على هذه الرسالة و هي لا زالت وليدة في المهد..
يبقى عشان نبدأ صح..
النبي "ص" محتاج ينتقي العناصر اللي هاتحمل هذه الرسالة.. محتاج ناس عندها القدرة على الإنضباط.. و تحمل المسئولية..محتاج ناس عندهم مقومات القيادة.. لأن الإسلام في بدايتة بيسعى لتربية القادة اللي يحملوه و يبنوه..
محتاج ناس عندها الإستعداد للعطاء المستمر..
محتاج ناس تجردت من النعرات العصبية و القبلية..
محتاج ناس عندها طموح.. و بعد رؤية..
و عشان تعمل ده.. لازم البداية تكون بانك تنتقي أفراد معينين تثق فيهم.. و تكلم كل واحد على حدة.. كلام بينك و بينه في السر..
و أول ما يبدأ النبي "ص" يبدأ بأهل بيته.. و تسلم السيدة خديجة رضى الله عنها فتكون أول من أسلمت من البشر.. امرأة..
و احنا اتكلمنا عن السيدة خديجة المرة اللي فاتت باستفاضة..
و النهاردة انتقيت باقة من الأوائل..
أوائل من حملوا هذا الدين على أكتافهم..
زي ماقلنا أسلمت السيدة خديجة عليها رضوان الله..
و أسلم علي بن أبي طالب..
أول صبي في الأمة..
عندك كم سنة يا علي؟.. 10 سنين..
علي يرى النبي "ص" يصلي هو و السيدة خديجة.. فيسأل و يستفسر..
فيعرض عليه النبي "ص" الإسلام..
ايه ده؟..
النبي "ص" يعرض أمر خطير زي ده على الطفل اللي عنده 10 سنين؟؟؟ و يثق في انه هايكتم عنه؟
ايوة..
يتبع[/size][/color][/center]