[center][color:ce59=green][size=24]
أحمد بحيري مقالات منوعة
حكاية العمر كله ..
بسم الله و الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله
اللهم افتح علينا حكمتك و أنزل علينا رحمتك يا أرحم الراحمين
النهاردة.. يمكن هانسيب السيرة شوية..
لأن فيه مناسبة مش قادر اعديها..
لأنها بتثير في الواحد كم من المشاعر.. صعبة التجاهل..
كل واحد فينا.. وسط ماهو بيشق طريقه في الحياة.. بيحاول يتعرف على الناس حواليه.. ويفهمهم و يفهموه..
و لكن.. غالبا.. وسط الرحلة دي.. فيه ناس بيتنسوا..
شئ مؤلم.. انك ماتبقاش عارف أقرب الناس ليك..
احنا عارفينهم كشخصيات متواجدة في حياتنا.. لكن ماحاولناش نقرب.. و نعرفهم كبشر.. كمشاعر.. كأحلام..
عشان كده..
معايا النهاردة حكاية..
حكاية العمر كله..
حكاية .. تبدأ باتنين.. و هي دايما بتبدأ باتنين..
شاب.. بأحلام الشباب.. و طموح الشباب..
و بنت.. أحلام البنات.. و طموح البنات..
الشاب.. كان زي أي شاب عايش سنه..
شيك جدا.. مثقف جدا..
و حلمه.. زي أي شاب.. و طبعا كل الناس عارفين الشباب عايزين ايه..
عايزين يتجوزوا..
و البنت.. كانت زي أي بنت.. عايشة سنها..
شيك جدا.. مثقفة جدا.. طموحة جدا.. نفسها تحقق ذاتها.. و نفسها تنطلق و تشتغل و تثبت وجودها و توصل لأعلى المراكز..
و طبعا.. كل الناس برضه.. عارفين.. ان ماحدش عارف الى الآن البنات عايزين ايه بالظبط .. و يمكن دي أكتر حاجة بتخوف فيهم
الشاب أُعجب بالبنت.. و اتقدملها.. و ارتبطوا.. و كبرت أحلامهم..
زاد حلم جديد.. حلم عش الزوجية.. مملكتهم الجديدة..
بقوا بيحلموا هايعملوا ايه في بيتهم.. و هايجيبوا فيه ايه.. و هايكون شكله ايه..
و بقوا يحلموا بيوم الفرح.. هايعزموا مين.. و هايعملوا ايه..
و جريت الأيام.. و جه يوم الفرح..
ليلة جميل.. لكل العيلة..
ليلة.. بدأ بيها مشوار حياة..
و دبت فيها الحياة.. في المملكة الجديدة.. عش الزوجية
حياة هاتبدأ أول خطوة.. تخطيها العروسة من باب شفتها.. و عينيها بتلمع بالفرحة..
بتحضن كل ركن في الشقة بعينيها.. كل حاجة جديدة. بتلمع..
لسة ريحة الدهان و ريحة العفش الجديد بتزكم الأنوف..
و تمر الأيام..و الليالي..
لحظات سعادة.. مابتنتهيش...
لغاية ما جه يوم..
تعبت فيه الزوجة.. فراحت للدكتور..
فبشرها بأنها حامل..
و بدأت مرحلة جديدة في حياتهم..
و مرحلة جديدة من السعادة.. سعادة مشوبة بالقلق.. و الخوف.. و التعب..
الاتنين فرحانين بالمولود اللي جاي..
بس الفرحة دي ليها تمن غالي قوي
أيام و ليالي طويلة من الانتظار و المعاناة
الأم تعبانة..
آلام في كل حركة و كل سكنة..
لا في راحة في الوقوف.. ولا الجلوس..
ناهيك عن المشي..
ولا في راحة.. لا في اليقظة.. ولا حتى في النوم.. مش قادرة تتقلب براحتها..
الأكل مابقالوش طعم..
و الأكلات اللي كانت بتحبها.. مابقتش بتطيقها..
و بالرغم من كل ده.. مازالت مطالبة بشغل البيت..
و بالرغم من كل ده.. لا تراها إلا مبتسمة..
و كأنما كل ده لا يكفي.. البيه الجنين كمان مش عاجبه.. بيرفس جوة بطنها
و هي تبتسم.. و تضحك.. و تقول للأب.. ابنك شقي من يومه
و الأب.. قلبه بيتألم لآلامها.. قلقان عليها.. خايف عليها.. رايح جاي بيها على الدكتور..
و تمر الشهور على الحال ده..
و تيجي لحظة الولادة..
و الأم زي الدبيحة اللي رايحة المدبح..
الألم شديد.. و رهيب..
أول مرة تخوض التجربة دي..
و أول مرة في حياتها تتألم بالشكل ده..
و يستمر الألم و العذاب. لغاية مايخرج الوليد الى الدنيا..
ايوة..
دي الحقيقة اللي كتير مايعرفوهاش .. ان كلنا جينا للدنيا كده..
و ماحدش اشترانا من كارفور زي ماكانوا بيقولولنا
خرج الجنين للدنيا...
و صرخ.. و بكى..
و الأم بعد التجربة الرهيبة دي.. جسمها كله منهار.. بتترعش..
عرق بارد على جبينها..
و دموع الألم في عينيها..
و ايدين بيترعشوا.. ممدودين.. بلهفة.. عاوزة ابنها...
تحضنه... و تبوسه.. و دموع الألم.. بقت دموع فرح..
بتحضنه بعينيها.. و بقلبها.. و بتدعيله.. وتبكي..
أول حضن في حياتك..
و أول قُبلة في حياتك.. كانت من أمك..
و سبحان الله..
برضه أول عضة في حياتك.. بتبقى ليها..
و أول صفعة.. بتبقى على وشها..
و أول شتيمة.. بتبقى ليها..
المرأة كائن عجيب جدا..
آية من آيات الله..
اللي تحتمل كل ده.. ولا تقابله إلا بحب.. و رحمة...
بالرغم من كل ده..
تفضل تحن له.. و تعطف عليه.. و تشتاق له.. و تخاف عليه.. و تدعيله... و تستحمل أذاه..
بل و تحكي و تتحاكى عنه.. بل و يمكن كمان تمدحه بحاجات مش فيه..
هي شايفاه كده..
لأنها أم..
لغاية هنا..
و الحكاية دايما بتتكرر بنفس أحداثها..
لكن بعد كده.. بتتشعب.. و بتتنوع.. و بتكتر الكادرات..
شايف في كادر..
أم سهرانة طول الليل.. لأن طفلها الرضيع من جايله نوم.. و لأنها تعبانة من الأعراض اللي بتصحب الرضاعة من مغص و غيره..
و شايف في كادر..
أم قاعدة على الأرض بين أطفالها.. زي الطير اللي واقف على حرف العش.. و الأفراخ في العش كلهم فاتحين مناقيرهم و بيصرخوا..
عمالة تتحايل على ده عشان ياكل.. و تضحك مع ده عشان يشرب.. و تلاعب ده.. عشان يقعد و يكمل أكل..
و الطيارة رايحة فين .. و القطر مش عارف هايعمل ايه ...
ماتقدرش تسيبهم لما يجوعوا و يبقوا ياكلوااي حاجة..
لأنها أم..
و شايف في كادر..
أم قررت تتخلى عن أحلامها..
قررت تسيب شغلها.. و تتفرغ لتربية الضيف الجديد في حياتها..
شايف أم.. سابت الدنيا.. و عاشت تبني دنيا جديدة .. للضيف الجديد..
تحلم معاه أحلامه..
تبني معاه قصور الخيال.. في حلم جميل من أحلام الأطفال..
تتخلى عن سنين عمرها... و تبقى قده و أصغر منه..
ايوه يا ما يا حبيبتى
منتى شكلتى ملامحى من زمان
لما كان العمر بذره
اه يا بحر من الحنان
كنت حاسس بين ايديكى
انى وانتى ظغننين
كنت بشعر بالامان
تحدفينى هُبّه فوق
القى قلبك
نصه لهفه ونصه شوق
اندفن جوه في حضنك
وانتى مستنيه اضحك وابتسم
لجل كل طريق في عمرك يترسم
كنت اشوفنى ف ننى عينك
القى نفسى بقيت كبير
أ .محمد سعيد
و شايف في كادر..
أم سهرانة.. جنب طفلها المريض..
عينيها بتغفل.. لكن ترجع تفوق بسرعة.. أحسن يحتاج منها حاجة..
بترقيه.. و تدعيله.. و تقراله قرآن..
و الإبن يصحى الصبح.. بقى أحسن كتير الحمد لله..
و كأن شيئا لم يكن..
و ماخطرش في باله حتى يقول لها.. شكرا..
و في كادر تاني..
شايف السنين بتمر..
و الأب و الأم نسيوا أحلامهم.. و بقى حلمهم.. هو تحقيق أحلام أولادهم..
و الأب لقى انه عشان يحقق أحلام أولاده.. لازم يبعد.. لازم يسافر.. يشتغل برة..
عشان بيحب زوجته و أولاده.. لازم يبعد عنهم..
معادلة صعبة..
شايف الأب بيودع الزوجة و الأولاد بابتساماته..
و شايف نفس العين اللي كانت بتبتسم.. مليانة بالدموع.. في الطريق للمطار..
و عدت ساعات الرحلة.. طويلة..
ووصل لبلد الغربة...
و وصل لبيت الغربة..
طلع المفتاح..
فتح الباب..
لقى الصمت مستنيه..
ساعتها... تسائل القلب..
أينَ الضجيجُ العذبُ والشغبُ ؟ *** أينَ التدارسُ شــابهُ اللعبُ ؟
أينَ الطفولـــةُ في توقـدهـــا..؟ **** أينَ الدمى في الأرضِ والكتبُ ؟
أيــــنَ التشاكي ، دونما غرضٍ ***** أيــــنَ التشــاكي ما لــه ســببُ ؟
أينَ التباكي والتضاحك في ***** وقتٍ معاً ، والحزنُ والطربُ ؟؟
أيــنَ التســابقُ في مجاورتي ****** مَـلقـاً ، إذا أكلـــوا وإن شربــــوا
يتزاحمــــون على مجــالستي ****** والقرب مني حيثما انقلبوا
يتوجهون بســــوق فطرتهم ****** نحوي إذا رهبوا ، وإن رغبوا
فنشيدهم ( بابا ) إذا فرحوا ****** ووعيدهم ( بابا ) إذا غضبوا !
وهتافهم ( بابا ) إذا ابتعدوا ******* ونجيهـــم ( بابا ) إذا اقتربـــوا
بالأمس كانـــوا ملء منزلنـــا **** واليوم ويح اليوم قد ذهبوا
وكأنما الصمت الذي هبطتْ **** أثقالهُ في الـــدار إذ غربوا
إغفـــاءة المحموم هدأتـــها **** فيـــها يشيع الهــــم والتعبُ
ذهبوا ، أجل ذهبوا ومسكنهم **** في القلبِ ما شطوا وما قربوا
إني أراهـــــم أينمــــا التفتت **** نفسي ، وقد سكنوا وقد وثبوا
وأحسُ في خّـلّدي تلاعبهم **** في الدارِ ليس يصيبهم نصبُ
وبريق أعينهـــم إذا ظفــروا *** ودمــــوع حرقتهــم إذا غُلبــــوا
في كل ركــــنٍ ، منهـــمُ أثرٌ *** وبكل زاويـــة ، لهــم صـــخبُ
في النافذاتِ زجاجها حطموا **** وفي الحائطِ المدهونِ قد ثقبوا
في الباب قد كسَروا مزالجهُ **** وعليه قد رسمـــوا وقد كتبوا
في الصحنِ فيه بعض ما أكلوا **** في علبة الحلوى التي نهبوا
في الشطرِ من تفاحةٍ قضموا *** في فضلةِ الماءِ التي سكبوا
إني أراهم ، حيثما اتجهت **** عيني ، كأسرابِ القطا سربوا
حتى إذا ساروا وقد نزعوا **** من أضلعي قلبــاً بهم يجبُ
ألـفيتني كالطفـــل عاطفــةً *** فإذا بــــه ، كالغيثِ ينسكبُ
قد يعجبُ العذالُ من رجلٍ **** يبكي ، ولو لم أبكِ فالعجبُ !
هيهات، ما كل البكا خورٌ **** إني _ وبي عزمُ الرجالِ _ أبُ
ويتبع[/size][/color][/center]