[color:8431=green][size=24]بسم الله الرحمن الرحيم
ان الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور انفسنا وسيئات اعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له، وأشهد ان محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم تسليماً كثيراً، اما بعد :
فعن عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ؛ قَالَ: أَقْبَلَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم. فَقَالَ:
((يَامَعْشَرَ الْمُهَاجِرِينَ! خَمْسٌ إِذَا ابْتُلِيتُمْ بِهِنَّ، وَأَعُوذُ بِاللهِ أَنْ تُدْرِكُوهُنَّ: لَمْ تَظْهَرَ الْفَاحِشَةُ فِي قَوْمٍ قَطُّ. حَتَّى يُعْلِنُوا بِهَا، إِلاَّ فَشَا فِيهِمُ الطَّاعُونُ وَالأَوْجَاعُ الَّتِي لَمْ تَكُنْ مَضَتْ فِي أَسْلاَفِهِمُ الَّذِينَ مَضَوْا.
وَلَمْ يَنْقَصُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ، إِلاَّ أُخِذَوا بِالسِّنِينَ وَشِدَّة الْمَئُونَةِ وَجَوْرِ السُّلْطَانِ عَلَيْهِمْ.
وَلَمْ يَمْنَعُوا زَكَاةَ أَمْوَالِهِمْ، إِلاَّ مُنِعُوا الْقَطْرَ مِنَ السَّمَاءِ، وَلَوْلاَ الْبَهَائِمُ لَمْ يُمَطَرُوا.
وَلَمْ يَنْقُضُوا عَهْدَ اللهِ وَعَهْدَ رَسُوِلِهِ، إِلاَّ سَلَّطَ اللهُ عَلَيْهِمْ عَدُوّاً مِن غَيْرِهِمْ، فَأَخَذُوا بَعْضَ مَافِي أَيْدِيِهمْ.
وَمَا لَمْ تَحْكُمْ أَئِمَّتُهُمْ بِكِتَابِ اللهِ، وَيَتَخَّيُروا ممَّا أَنْزَلَ اللهُ، إِلاَّ جَعَلَ اللهُ بَأْسَهُمْ بَيْنَهُمْ)).
وصية عظيمة من وصايا نبي الهدى والرحمة صلى الله عليه وسلم الذي لا ينطق عن الهوى إن هو الا وحيٌ يوحى، بيّن فيها أن الذنوب والمعاصي سبب كل شر وداء وبلاء يقع في هذه الامة.
لَمْ تَظْهَرَ الْفَاحِشَةُ فِي قَوْمٍ قَطُّ. حَتَّى يُعْلِنُوا بِهَا، إِلاَّ فَشَا فِيهِمُ الطَّاعُونُ وَالأَوْجَاعُ الَّتِي لَمْ تَكُنْ مَضَتْ فِي أَسْلاَفِهِمُ الَّذِينَ مَضَوْا.
أسألكم بالله هل ظهرت الفاحشة في اوساط المسلمين؟ هل انتشر الزنا في مجتمعات المسلمين؟ هل انتشر اللواط؟ نقولها بكل مرارة وأسف: إنَّ ذلك قد وقع، فقد انتشر الزنا في مجتمعات المسلمين، انتشرت الفاحشة بين الناس، انتشر اللواط في أوساط المسلمين، نرى من المسلمين اليوم من يروجُّ للزنا، نرى من المسلمين اليوم من يروجُّ للفاحشة واللواط، نرى من المسلمات بكل أسف من تبيع نفسها مقابل عرض يسير من أعراض هذه الدنيا فإنّا لله وانّا اليه راجعون، هل أصبحنا نعصي الله تعالى بهذه السهولة ولا نبالي بإطِّلاع الملك سبحانه علينا، فلا إله الا الله أين المسلمون الذين حملوا الاسلام؟ أين المسلمون الذين وقر الايمان في قلوبهم، إننا نرى الفواحش في الطرقات نرى الفواحش على شواطئ البحور, أين ذهبت الغيرة من أولياء الامور, كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته، فيا من تركت الحبل على الغارب لبناتك وأبنائك إعلم بإنك ستسأل يوم القيامة عن تلك الرعية، اعلم بإنك ستسأل يوم القيامة لماذا سمحت لإبنك ان يخرج ويتسكع في الطرقات ويصاحب الفتيات، ولماذا سمحت لإبنتك أن تخرج بأكمل زينة وتبرج وسفور، وتذهب وتصاحب هذا وذاك، فلا إله الا الله ظهرت الفاحشة في أوساط المسلمين فكانت العقوبة من الله تعالى ان فشت فيهم الامراض والأوجاع التي لم تكن مضت في أسلافهم الذين مضوا من قبلهم، وأنا أطلب من كل واحد أن يقوم ويسأل والده أو جده: هل سمعت يا والدي أو يا جدّي بمرض الإيدز أو الهربس؟ فسيقول لك: لا يا ولدي لم أسمع بهذه الامراض، فلا اله الا الله لمَّا انتشرت الفاحشة وعمت حتى أعلن بها الناس عوقبوا بهذه الامراض الخطيرة التي لم تكن موجودة من قبل ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم.
وَلَمْ يَنْقَصُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ، إِلاَّ أُخِذَوا بِالسِّنِينَ وَشِدَّة الْمَئُونَةِ وَجَوْرِ السُّلْطَانِ عَلَيْهِمْ.
نقصوا المكيال والميزان فعاقبهم الملك سبحانه وتعالى بالسنين أي بالقحط والجدب والمجاعة، وشدة المؤونة وهي الضنك وغلاء المعيشة، وجور السلطان عليهم، حيث أصبح السلاطين يسومونهم سوء العذاب ولا حول ولا قوة الاَّ بالله.
اخذ المسلمون يغشّون في المكيال والميزان، يغشون في البيع والشراء بحجة أن هذه شطارة وذكاء فعاقبهم الله بشدة المؤونة والسنين، فها نحن نشكو والله من القحط، نشكو والله من الجدب، نشكو والله من غلاء المعيشة ومن حياة الضنك، فلا اله الا الله، هذا كله بسبب هذه المعصية ألا وهي الغش في البيع والشراء، فأين هم الذين وقر الايمان في قلوبهم واتَّقَوُا الله في بيعهم وشرائهم، إنَّ التجّار يبعثون يوم القيامة فُجَّاراً إلاَّ من برٍّ وصدق، هذا حديث نبينا صلى الله عليه وسلم : "إن التجّار يبعثون يوم القيامة فجّاراً الا من برٍّ وصدق" لأن القليل من التجار لا يأكل اموال المسلمين بالباطل، ولكن الكثير منهم يتجرأ على أكل اموال المسلمين ولا حول ولا قوة الا بالله.
وَلَمْ يَمْنَعُوا زَكَاةَ أَمْوَالِهِمْ، إِلاَّ مُنِعُوا الْقَطْرَ مِنَ السَّمَاءِ، وَلَوْلاَ الْبَهَائِمُ لَمْ يُمَطَرُوا.فلا اله الا الله عقوبةٌ اليمة من الله تعالى سببها هذا الذنب " وَلَمْ يَمْنَعُوا زَكَاةَ أَمْوَالِهِمْ، إِلاَّ مُنِعُوا الْقَطْرَ مِنَ السَّمَاءِ" أي منعوا المطر من السماء " وَلَوْلاَ الْبَهَائِمُ لَمْ يُمَطَرُوا" فلا اله الا الله منعوا زكاة اموالهم فعاقبهم الله تعالى، وهذا مُشاهد في أوساط المسلمين، فالقليل اليوم من المسلمين من يدفعون زكاة اموالهم، وأكثر المسلمين اليوم يتغافلون عن أداء هذه الفريضة العظيمة التي هي ركن أساسي من اركان الدين، فالواجب على الاغنياء أن يدفعوا زكاة أموالهم وإلا كانت هذه العقوبة في الدنيا، وفي يوم القيامة تكون العقوبة العظيمة كما قال الحق سبحانه
{............... وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلاَ يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللّهِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ }التوبة 34
{يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَـذَا مَا كَنَزْتُمْ لأَنفُسِكُمْ فَذُوقُواْ مَا كُنتُمْ تَكْنِزُونَ }التوبة35
فلا اله الا الله أننا نشكو اليوم من قلة الامطار فهل عرفتم سبب ذلك؟ إنها المعصية إنه الذنب، إنه منع الزكاة التي فرضها الله تعالى على المسلمين.وَلَمْ يَنْقُضُوا عَهْدَ اللهِ وَعَهْدَ رَسُوِلِهِ، إِلاَّ سَلَّطَ اللهُ عَلَيْهِمْ عَدُوّاً مِن غَيْرِهِمْ، فَأَخَذُوا بَعْضَ مَافِي أَيْدِيِهمْ.لا اله الا الله، نقض المسلمون عهد الله وعهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فعوقبوا بهذه العقوبة الاليمة، {أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَن لَّا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ }يس60 {وَأَنْ اعْبُدُونِي هَذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ }يس61
هذا هو عهد الله جلّ وعلى، تحقيق العبودية في هذه المعمورة، عبادة الله تعالى حق العبادة في هذه الارض، هذا هو عهد الله تعالى لبني آدم أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئاً، أن يحققوا العبودية بتمامها وكمالها وبتنفيذها في حياتهم وفي اوساطهم وفي مجتمعاتهم.
فلما نقض المسلمون عهد الله تعالى وعهد رسوله صلى الله عليه وسلم وهو قوله: " عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي، تمسكوا بها وعضّوا عليها بالنواجذ" عوقبوا بإن سلط الله عليهم عدواً من غيرهم فاخذوا بعض ما في ايديهم، وهذا مُشاهد ولا حول ولا قوة الا بالله، فها هي امم الكفر تتكالب على المسلمين كتكالب الاكلة على قصعتها حتى اخذوا بعض ما في ايدي المسلمين، ومن رحمة الله تعالى انهم لم ياخذوا كل ما في ايدي المسلمين، على الرغم بان كثيراً من المسلمين قد نقضوا عهد الله وعهد رسوله صلى الله عليه وسلم، فلا اله الا الله لما حقق المسلمون عهد الله وعهد رسوله صلى الله عليه وسلم حكموا العالم ومُكّن لهم في البلاد، ولكن لما ركنوا الى الدنيا ونقضوا عهد الله وعهد رسوله صلى الله عليه وسلم حلَّ بهم ما حلّ من الذلّ والهوان ولا حول ولا قوة الا بالله.وَمَا لَمْ تَحْكُمْ أَئِمَّتُهُمْ بِكِتَابِ اللهِ، وَيَتَخَّيُروا ممَّا أَنْزَلَ اللهُ، إِلاَّ جَعَلَ اللهُ بَأْسَهُمْ بَيْنَهُمْ. {أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللّهِ حُكْماً لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ }المائدة50 {....... إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلّهِ أَمَرَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَـكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ }يوسف 40 لا اله الا الله
حكم المسلمون بغير كتاب الله وبغير سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجعل الله تعالى بأسهم بينهم، فها نحن نرى بأس المسلمين فيما بينهم، تفرق، جماعات، أحزاب، تكتلات، {........ كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ }الروم 32ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم.
فيا عباد الله إن الامن والامان لا يكون إلا في ظل شرع الله، الا في تحقيق شريعة الله، إلا في هذا الاسلام الذي أنزله الله تعالى هدية للامة الى ان يرث الله الارض ومن عليها، وما عدا ذلك فستعيش الامة في هذا التفرق وهذا التحزب ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم.
هذه هي أسباب هذه الامور التي وقعت بين المسلمين وفي مجتمعات المسلمين، {وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ }الشورى30 {أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُم مُّصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُم مِّثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَـذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِندِ أَنْفُسِكُمْ إِنَّ اللّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ }آل عمران 165 {مَنْ عَمِلَ صَالِحاً فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاء فَعَلَيْهَا وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ }فصلت46
عوقب المسلمون بهذه العقوبات لأنهم فرّطوا في تمسكهم بهذا الدين، وعصوا الله تعالى، ووالله ثم والله إذا تمسك المسلمون بشرع الله وطبقوه في حياتهم ومجتمعاتهم، فسيظفرون بكل سعادة وهناء وخير وبركة، فالله تعالى وعد كل من آمن واستقام على شرعه بالحياة الطيبة الهنية كما قال تعالى {مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ }النحل97
نسال الله تعالى أن يبصر المسملين بامور دينهم ويردهم اليه رداً جميلاً ويجنبهم الفواحش والفتن والمنكرات ما ظهر منها وما بطن، والحمد لله رب العالمين. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
الشيخ: محمد بن رياض الأحمد
لبنان [/size][/color]
الرئيسية
توقيع
