[b]وبقي احمد على هذا الحال وصار على اتصال دائم بصديقه خالد
ولم يقف الامر على هذا بل تعداه بان صار لهما صديقتين من الجامعة
وصار يقضيان ساعات بين المشاهدة والتطبيق
وصاراتباريان في الرذيلة
وافتضت بكرتا البنتين
وصارا يعاملانهما معاملة الازواج خارجين عن حرمة الزواج
وصارت الفتاتان لا تغادران دار خالد
وصار خالد في غياب احمد يستحوذ على الاثنتين دون علم خلد
وصارت الفوضى تعم البيت
ومرة على حين غفلة من خالد وجدهما احمد في لقاء مباشر بنفس الفراش
وبنفس خبيثة وامارة
قال ساعمل مثل ما اعمل
وهكذا الى ان صارا كل منهما يطأ خليلة صاحبه ام عينه
ولم يكفهما ذلك
قال خالد نحن هنا على احسن ما يرام
لماذا لا نشتري قنينة خمر
احمد: قنينة خمر
ولم ذلك
خالد: لتحلو الجلسة
وتسلم احمد النقود من خالد وذهب الى الحانة واحضر القنينة ام الخبائث
واول مرة يتناول الاثنان معا الخمر
وبدأت الخمر تلعب بعقليهما وآلى عهلى انفسهما ان تتقاسمهما الخمر صديقتيهما
وبالحاح شديد تم لهما ذلك
ولم تكفيهما القنينة الواحدة وسارع احمد في احضار قنينين اخريتين
ولما احتسى الجماعة الخمر حل وقت الغناء وصارت كل من الصديقتين احداهما تغني والاخرى ترقص
واصبحت الدار عبارة عن علبة من علب الليل
موسيقى والحان ورقص ومضاجعة
مرة البنتين لوحدهما وتارة كل بنت مع رجل ونت مع رجلين والرجلين لبعضهما
في هذا الوقت القليل صاروا لوطيين وزناة ومثليين وسحاقيين
اما الدراسة الجامعية التي اتوا من اجلها فقد نسوا طريق الجامعة ونسوا جميع الدروس
خالد : لقد نجحت في اغواء احمد (حديث النفس)
احمد: لقد انفق علي كثير ماله انه مسرف;وساسغله استغلالا
وصارت الفتاتان ملازمتين للدار ويخرجان الى قضاء بعض المؤن
ونسوا الكلية ولا يسالون عن ذويهم واولياء امرهم
ومرة حضرت ام احداهما وسالت عنها في الجامعة بعض صديقاتها
واجابتها منذ شهرين تقريبا لم نراها
وبقيت المسكينة تسال عنها
وبعد ان دلتها احدى صديقاتها انها تردد كثيرا على دار احد العزاب
كيف احد العزاب؟
لقد تم سرد هذه القصةمن نسج الخيال على سبيل المثال لا الحصر لاستخلاص العبر لا الاستمتاع بفصول القصة
والتعرف على اغواء الشيطان للانسان ومسايرة النفس الامارة فيما يمليها عليها اللعين
كم يزين الشيطان للانسان الاغواء بكل الطرق يلازمه ملازمة الظل بل يسري في دمه ويجتم على قلبه
والنفس الامارة مطيعة له دائما ساعية في مرضاته
نرى في القصة الانفة الذكر كم كان شوق اب خالد ان يدرس ابنه ويتخرج دكتورا
كما شوق ااسرة احمد ان يتخرج ابنهم ويعينهم على نوائب الدهر ويجرجهم من وعتاء الفقر
ماذا كانت النتيجه؟
لاشك ان النفس والشيطان لعبت بهما معا وصارا يتفننان في الضلال والاضلال
ونتائج الغوايه وحديث النفس الامارة لا تقتصر على الشخص فحسب بل تتعداه لاغواء الاخرين
فمن انقطاع على الدراسة الى رؤية الافلام الى فاحشة الزنا واللواط والمساحقة وشرب الخمر و.....
كم شخصا ضل بسبب اغراء خالد كم من الشباب هذا ديدنهم
هذا يحدث في دار الاسلام اما في جامعات الغرب فحدث ولا حرج
هل صار خالد شيطانا
نعم صار وليا للشيطان وصار من جنوده البواسل الذين يتعلم منهم الشيطان ولا يعلمهم
قال الله تعالى في محكم كتابه العزيز الذي لايأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه
بعد اعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم
وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ * وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الأرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ ذَلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ * سَاءَ مَثَلا الْقَوْمُ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَأَنْفُسَهُمْ كَانُوا يَظْلِمُونَ * مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَنْ يُضْلِلْ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ سورة الأعراف 175-178 .
وقوله :﴿ وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ إِبْرَاهِيمَ ﴾(الشعراء:69) ، ونظائر ذلك كثير . فالضمير في﴿ عَلَيْهِمْ ﴾ عائد على حاضري محمد صلى الله عليه وسلم من كفار أهل الكتاب ، وغيرهم من مشركي العرب الذين وُجِّهَتْ إليهمُ العِبَرُ والمَواعظُ من أول هذه السورة ، وقصَّت عليهم قَصَصَ الأمم مع رسلهم .. ومناسبة فعل التلاوة لهم أنهم كانوا قومًا تغلب عليهم الأميَّةُ ، فأراد الله تعالى أن يبلِّغ إليهم من التعليم ما يُساوونَ به حال أهل الكتاب في التلاوة » .
وقوله تعالى :﴿ نَبَأَ الَّذِي ﴾ . أي : خبر الذي . والنَّبَأُ هو الخبرُ المَرْوِيُّ عن الأمر العظيم . ومنه قوله تعالى :﴿ عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ * عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ ﴾(النبأ:1-2) . وتأمل قوله تعالى :﴿ آَتَيْنَاهُ آَيَاتِنَا ﴾ ، كيف أخبر سبحانه أن ذلك إنما حصل له بإيتاء الرب له ، لا بتحصيله هو . والمراد به : علَّمناه حججَ التوحيد ، وفهَّمناه أدلَّته ، حتى صار عالمًا بها . وقال تعالى :﴿ آَتَيْنَاهُ ﴾ ، ولم يقل :{ أعطيناه } ، لمَا في الإيتاء من سرعة الإعطاء وسهولته ؛ كما في قوله تعالى :﴿ وَآَتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ ﴾(البقرة:251) .
وقوله تعالى :﴿ فَانْسَلَخَ مِنْهَا ﴾ يدلُّ على أنه كان فيها ، ثم خرج منها . والتعبير عن ذلك بالانسلاخ ، المُنْبِىءِ عن اتصال المُحيط بالمُحاط خِلْقَةً ، وعن عدم الملاقاة بينهما أبدًا ؛ للإيذان بكمال مُباينته للآيات بعد أن كان بينهما كمالُ الاتصال . والانسلاخُ من الشيء عبارةٌ عن البَراءة منه ، والانفصال والبعد عنه ؛ كالانسلاخ من الثياب والجلد . ويقال لكل من نبذ شيئًا ، وكفر به ، وفارقه بالكلية : انسلخ منه . وقيل : حقيقةُ الانسلاخ هي خروجُ جسد الحيوان من جلده ، حينما يُسْلَخُ عنه . يقال : انسلخت الحيَّة من جلدها ، إذا خرجت منه . واستُعير في الآية للانفصال المعنوي ، وهو ترك التلبُّس بالشيء ، أو عدم العمل به . وقيل : معنى الانسلاخ من الآيات : الإقلاعُ عن العمل بما تقتضيه ؛ وذلك أن الآيات أعلمته بفساد دين الجاهلية ، ومع ذلك فقد انسلخ منها ؛ كما ينسلخ الإنسان ، أو الحيوان من جلده ، فخرج بذلك من محبة الله إلى معصيته ، ومن رحمة الله إلى سخطه ، ونُزِع منه العلم الذي كان يعلمه .
وتأمل كيف قال تعالى :﴿ فَانْسَلَخَ مِنْهَا ﴾ ، ولم يقل :{ فسلخناه منها } ؛ بل أضاف الانسلاخ إليه ، وعبَّر عن براءته منها بلفظة الانسلاخ ، الدالة على تخليه عنها بالكلية ، وهذا شأن الكافر . وأما المؤمن ، ولو عصى الله تبارك وتعالى ما عصاه ، فإنه لا ينسلخ من الإيمان بالكلية .
وقال تعالى :﴿ فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ ﴾ ، ولم يقل :{ فتَبِعَهُ الشيطان } ؛ لأن { تَبِعَهُ } معناه : سار في أَثَرِهِ . أما { أتْبَعَهُ } فمعناه : أنه لحق به وأدركه ؛ كما قال تعالى :﴿ فَأَتْبَعُوهُم مُّشْرِقِينَ ﴾(الشعراء:60) . أي : لحقوهم ووصلوا إليهم . وكذلك قوله سبحانه :﴿ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ مُبِينٌ ﴾(الحجر:18) ، وقوله :﴿ فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ ﴾(يونس:90) . وقيل : إن قوله تعالى :﴿ فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ ﴾ يدل على أن الشيطان كان آيسًا من كفره ، وقد انقطعت صلته به ؛ لكنه لما انسلخ من الآيات ، لحقه الشيطان ، وأخذ يوسوس له كلَّ يوم إلى أن جعله من الغاوين .
وقوله تعالى :﴿ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ ﴾ . أي : كان من المتصفين بالغي ؛ وهو الضلال ، وهو أشد مبالغة في الاتصاف بالغواية من أن يقال :( فغوى ) ، أو :( كان غاويًا ) . وإنما كان قوله تعالى :﴿ مِنَ الْغَاوِينَ ﴾ أشدَّ مبالغة من قولك :( فلان كان غاويًا ) ؛ لأنه يشهد له بكونه معدودًا في زمرتهم ، ومعروفةٌ مساهمتُه لهم في الغواية .
وقال الراغب الأصفهاني في مفردات غريب القرآن :« الغَيُّ : جهلٌ من اعتقاد فاسد ؛ وذلك أن الجهل قد يكون من كون الإنسان غير معتقد اعتقادًا ، لا صالحًا ولا فاسدًا ، وقد يكون من اعتقاد شيء فاسد ، وهذا النحو الثاني يقال له : غَيٌّ » .
قال تعالى :﴿ مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى ﴾(النجم:2) . أي : ما لابس الغَيَّ ، وهو جهل من اعتقاد فاسد . وقوله تعالى :﴿ إِِنَّكَ لَغَوِيٌّ مُّبِينٌ ﴾(القصص:18) . أي : بيِّن الغواية . وقال تعالى :﴿ وَبُرّزَتِ الجحيم لِلْغَاوِينَ ﴾(الشعراء:91) . أي : الضَّالِّين عن طريق الحق .
وفي مسند الإمام أحمد عن أبي برزة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال :« إن أخوفَ ما أخاف عليكم شهواتُ الغَيِّ في بطونكم وفروجكم ، ومُضلات الهوى » ؛ فإن الغي والضلال يجمع جميع سيئات بني آدم . وإن الإنسان ؛ كما قال تعالى :﴿ وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا ﴾(الأحزاب: 72) . فبظلمه يكون غاويًا ، وبجهله يكون ضالاً . وكثيرًا ما يجمع بين الأمرين ، فيكون ضالاً في شيء ، غاويًا في شيء آخر ؛ إذ هو ظلوم جهول ، ويعاقب على كل من الذنبين بالآخر ؛ كما قال الله تعالى :﴿ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا ﴾(البقرة: 10) ، وكما قال :﴿ فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ ﴾(الصف: 5) .
ثم قال تعالى :﴿ وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ ﴾ ، فأخبر سبحانه أن الرفعة عنده ليست بمجرد العلم ؛ وإنما هي باتِّباع الحق وإيثاره ، وقصد مرضاة الله تعالى ؛ فان هذا الإنسان كان من أعلم أهل زمانه ، ولم يرفعه الله بعلمه . فالرفعة بالعلم قدر زائد على مجرد تعلمه . والرافع هو الله تعالى ، يرفع عبده ، إذا شاء بما آتاه من العلم . وإن لم يرفعه الله ، فهو موضوع لا يرفع أحدٌ به رأسًا ، وذلك منوط بمشيئة الله تعالى . والله سبحانه لا يشاء ذلك لمن أعرض عنه ، وأقبل إلى غيره ؛ لأن الإعراض عن الله سبحانه ، وتكذيب آياته ظلم ، وقد حق القول منه سبحانه أنه ﴿ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ﴾(البقرة: 258) ؛ ولذلك عقب تعالى على قوله :﴿ وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا ﴾ بقوله :﴿ وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ ﴾ ، فأخبر عن السبب الذي منعه أن يرفع بهذه الآيات .
وقوله تعالى :﴿ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ ﴾ . أي : لجأ إليها وسكن ، فكانت نفسه أرضية سفلية ، وبحسب ما يخلد العبد إلى الأرض ، يهبط من السماء .. وأصل الإخلاد من الخلود ، وهو الدوام والبقاء . يقال : فلان أخلد ولاذ بالمكان ، إذا أقام فيه مع الاطمئنان به ، ظانًّا أنه مخلد فيه إلى الأبد . ومنه قوله تعالى :﴿ يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُّخَلَّدُونَ ﴾(الواقعة: 17) . أي : خلقوا للبقاء ، لا يتغيرون ولا يكبرون . والخلد هو دوام البقاء في دار لا يخرج منها ؛ كالدار الآخرة ، وسمِّيت بدار الخلد ، لبقاء أهلها فيها . وقوله تعالى :﴿ يَحْسَبُ أَنَّ مَالَهُ أَخْلَدَهُ ﴾(الهُمَزَة: 3) . أي : يعمل عمل من لا يظن مع يساره أنه يموت .
وقوله تعالى :﴿ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ ﴾ معناه : أنه أعرض عن التمسك بما آتاه الله من الآيات ، وانقاد لما دعاه إليه الهوى . والمعنى : لكنا لم نشأ ذلك ؛ لأنه أخلد إلى الأرض واتَّبع هواه ، فبات في قلق دائم وانشغل بالدنيا وأعراضها . وكان ذلك مَوْردًا لإضلال الله تعالى له ، لا لهدايته ؛ كما قال تعالى :﴿ وَيُضِلُّ اللّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللّهُ مَا يَشَاءُ ﴾(إبراهيم: 27) .
فإن قيل : الاستدراك بـ﴿ لَكِنَّ ﴾ يقتضي أن يثبت بعدها نفي ما قبلها . أو ينفى ما أثبت ؛ كما تقول : لو شئت لأعطيته ؛ لكني لم أعطه . ولو شئت لما فعلت كذا ؛ لكني فعلته . فالاستدراك يقتضي أن يكون نظم الكلام هكذا :( ولو شئنا لرفعناه بها ، ولكنا لم نشأ ) . أو هكذا :( فلم نرفعه ) ، فكيف استدرك بقوله تعالى :﴿ وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ ﴾ ، بعد قوله :﴿ وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا ﴾ ؟
وأجيب عن ذلك بأن هذا من الكلام الملحوظِ فيه المعنى ، المعدولِ فيه عن مراعاة الألفاظ إلى المعاني ؛ وذلك أن مضمون قوله تعالى :﴿ وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا ﴾ أنه لم يتعاط الأسباب التي تقتضي رفعه بالآيات ، من إيثار الله ومرضاته على هواه ؛ ولكنه آثر الدنيا ، وأخلد إلى الأرض ، واتبع هواه .
ثالثًا- ثم ضرب الله تعالى لهذا الإنسان الذي وصف من حاله ما وصف مَثَلاً بالكلب اللاهث ، فقال سبحانه :﴿ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ ﴾ . أي : مثله كهذا المثل . بمعنى : أن مثله يشبه هذا المثل . فالأول مشبَّه ، والثاني مشبَّه به . وهو من تشبيه المعقول بالمحسوس ، وكلاهما معنى موجود في الذهن . والمقصود منه بيان أن من أوتي الهدى ، فانسلخ منه إلى الضلال والهوى والعمى ، ومال إلى الدنيا حتى تلاعب به الشيطان ، كان منتهاه إلى الهلاك ، وخاب في الآخرة والأولى . والله تعالى ذكر قصته ؛ ليحذر الناس من مثله .
فهذا هو مثل العالم الذي يؤثر الدنيا على الآخرة ، وهو شَرُّ تمثيلٍ في أنه قد غلب عليه هواه ، حتى صار لا يملك لنفسه ضرًّا ولا نفعًا ، بكلبٍ لاهثٍ أبدًا ، حُمِلَ عليه ، أو لم يُحْمَل ، فهو لا يملك ترك اللَّهَثان . قال مجاهد :« أي : إن تحمل عليه بدابتك أو رجلك يلهث ، أو تتركه يلهث .. وكذلك من يقرأُ الكتابَ ولا يعملُ بما فِيهِ » .
ومعلوم أن إيثار الجملة الاسمية على الفعلية ، بأن يقال :( فَصَارَ مَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ.. الخ ) ، للإيذان بدوام اتصافه بتلك الحالة الخسيسة ، وكمال استقراره واستمراره عليها . قال السدي وغيره :« إن هذا الرجل عوقب في الدنيا بأنه يلهث ؛ كما يلهث الكلب ، فشبه به صورة وهيئة » . وقال الجمهور :« إنما شبه به في أنه كان ضالاً قبل أن يؤتَى الآيات ، ثم أوتيها ، فكان أيضًا ضالاً لم تنفعه ، فهو كالكلب في أنه لا يفارق اللهث ، في حال حمل عليه ، أو لم يحمل عليه » .
ومن الواضح أن التشبيه ليس هو بين هذا الإنسان ، والكلب ؛ وإنما هو بين مثله ، ومثل الكلب . ومثله يعني : المماثل له في تمام أحواله وصفاته ، وكذلك مثل الكلب . ولو كان المراد تشبيه هذا الإنسان بالكلب ، لوجب أن يقال :( فهو كالكلب ) ، وما أكثر الناس الذين يشبهون الكلاب ، وهم موجودون في كل زمان ومكان ، قال الشاعر العباسي إسماعيل بن إبراهيم الحَمْدَويِّ في هجاء أحدهم :
كالكلب إن تحمل عليـ ** ـه الدهرَ ، أو تتركه يلهث
وقيل : التشبيه في المثل هو تشبيهٌ للهيئة المنتزعة مما اعترى هذا الإنسان- بعد الانسلاخ من الآيات- من سوء الحال ، واضطرام القلب ، ودوام القلق والاضطراب ، وعدم الاستراحة بحال من الأحوال ، بالهيئة المنتزعة مما ذكر من حال الكلب . وذكر ابن عاشور أن هذا التمثيل من مبتكرات القرآن ؛ فإن اللهث حالة تؤذن بحرج الكلب من جرَّاء عسر تنفسه عن اضطراب باطنه ، وإن لم يكن لاضطراب باطنه سبب آت من غيره .
والكلب- مع ما عرف عنه من أمانة وإخلاص وذكاء- هو من أخبث الحيوانات ، وأوْضعها قَدْرًا ، وأخسِّها نَفْسًا ، وأشدِّها شَرَهًا وحِرْصًا . ومن شدة حرصه وشرهه- كما قال ابن القيم- أنه لا يمشي إلا وخَطْمُه في الأرض ، يَتشَمَّم ، ويسترْوح حرصًا وشرهًا ، ولا يزال يشم دبره دون سائر أجزائه ، وإذا رميت إليه بحجر رجع إليه ؛ ليعضَّه من فرْط نهمته . وهو من أمْهَن الحيوانات ، وأحْملِها للهَوان ، وأرضَاها بالدنايا . والجِيَفُ القذرةُ المُرْوِحَةُ أحبُّ إليه من اللحم الطَّريِّ ، وإذا ظفر بميْتة تكفي مائةَ كلب ، لم يدع كلبًا واحدًا يتناول منها شيئًا ، إلا هرَّ عليه وقهره ؛ لحرصه وبخله وشرهه . ومن أبرز صفاته الذميمة التي لا تفارقه إنكارُه الضيف ، واللَّهَثُ على أيِّ حال .
وقال ابن منظور في لسان العرب :« اللَّهَثُ واللَّهَاثُ واللَّهَثانُ ، بفتح اللام المشددة فيها ، واللُّهَاثُ ، بالضم : حَرُّ العطش في الجوف . وقال الجوهري : اللَّهَْثانُ ، بالتحريك : العطشُ ، وبالتسكين : العطشان . وقال أيضًا : لَهَثَ الكلبُ ، بالفتح ، يلهَث لَهَثًا ولََُهَاثًا ، بالضم ، إذا أخرج لسانه من التعب ، أو العطش .. وكذلك الرجلُ إذا أَعْيَا . وفي التنزيل العزيز :﴿ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ ﴾ ؛ لأنك إذا حملت على الكلب ، نبح وولَّى هاربًا ، وإن تركته شدَّ عليك ونبح ، فيتعب نفسه مقبلاً عليك ، ومدبرًا عنك ، فيعتريه عند ذلك ما يعتريه عند العطش من إخراج اللسان » .
وقال السيوطي في الدر المنثور :« أخرج ابن المنذر وأبو الشيخ عن ابن جريج ، قال : الكلب منقطع الفؤاد ، لا فؤاد له ؛ مثل الذي يترك الهدى ، لا فؤاد له ؛ إنما فؤاده منقطع ، كان ضالاًّ قبل وبعد » . وقال ابن قتيبة :« كل شيء يلهث ؛ فإنما يلهث من إعياء ، أو عطشًا ، إلا الكلب ، فإنه يلهث في حال الكَلال ، وحال الراحة ، وحال الصحة ، وحال المرض والعطش ، فضرَبه الله مَثلاً لمن كذَّب بآياته » .
وفي تشبيه مَثلِ هذا الضال في حال لهفه على الدنيا ، بمثل الكلب في حال لهثه ، سِرُّ بديع ، وهو أن الذي مَثلُه فيما ذكره الله تعالى من انسلاخه من آياته ، واتِّباعه هواه ؛ إنما كان لشدة لهفه على الدنيا ، لانقطاع قلبه عن الله والدار الآخرة ، فهو شديد اللَّهَف عليها . ولهَفُه نظير لهث الكلب الدائم في حال إزعاجه وتركه ، فإنه في الكلاب طبع ، لا تقدر على نفض الهواء المتسخِّن ، وجلب الهواء البارد بسهولة لضعف قلبها ، وانقطاع فؤادها ، بخلاف سائر الحيوانات ، فإنها لا تحتاج إلى التنفس الشديد ، ولا يلحقها الكرب والمضايقة إلا عند التعب والإعياء .
والجملتان الشرطيتان :﴿ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ ﴾ تفسير لما أبهم في المثل ، وتفصيل لما أجمل فيه ، وتوضيح للتمثيل ببيان وجه الشبه ، على منهاج قوله تعالى :﴿ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ ﴾ ، إثر قوله تعالى :﴿ إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آَدَمَ ﴾ .
والخطاب في﴿ تَحْمِلْ عَلَيْهِ ﴾ ، و﴿ تَتْرُكْهُ ﴾ لمخاطب غير معيَّن ، فيشمل كل أحد ممن له حظ من الخطاب ؛ فإنه أدخل في إشاعة فظاعة حاله . والمعنى : إن يحمل عليه حامل ، أو يتركه تارك . و﴿ تَحْمِلْ عَلَيْهِ ﴾ من الحَملة , لا من الحِمل ، وهي المطاردة والهجوم . وفي تاج العروس للزبيديِّ :« حمل عليه حملة منكرة » . وفي الصحاح للجَوْهَريِّ :« حمل عليه في الحرب حملة . قال أبو زيد : يقال : حملت على بني فلان ، إذا أرَّشْت بينهم » . أي : حملت بعضهم على بعض وحرَّشت . والتأريش والتحريش : الإفساد .
وتحدث الدكتور كارم السيد غنيم الأستاذ بكلية العلوم – جامعة الأزهر- تحدث في مقال له ( الكلب في حياة الإنسان ) عن لهــث الــكلب من الناحية الفسيولوجية ، فقال :« تبلغ درجة الحرارة الطبيعية لجسم الكلب ( 38.6م ) ، وهى أعلى من درجة جسم الإنسان المعتادة ، والبالغة ( 37م ) . وإذا كان جسم الإنسان يفرز عرقًا من غدده العرقية من أجل تبريد الحرارة ، إذا ارتفعت عن الدرجة المعتادة ، فإن الكلب يسلك مسلكا آخر هو ( اللهث ) ، فيخرج لسانه ويلهث حتى عند الراحة ، فيلهث بسرعة ( 10- 30 ) لهثه ، أو نَفَس في الدقيقة ؛ ولكن بعد بذل مجهود أو التعرض لخطر ما ، فإنه يلهث بأكثر من عشرة أضعاف هذا المعدل . ويضطر الكلب لأن يلهث ، في التعب والراحة ، لعدم وفرة غدده العرقية التي لا توجد سوى في وسادات أقدامه ، فهي لذلك لا تسهم في خفض درجة حرارة جسمه إلا بقدر ضئيل .
ولمزيد من التفصيل ، فإن تدلى لسان الكلب وفتح فمه أثناء اللهث ، يؤدي إلى إدخال أكبر كمية ممكنة من الهواء الجوي إلى الجهاز التنفسي ، وخلالها يتم تبخير جزء من الماء الموجود في الأنسجة التي يمرّ فيها الهواء ، وبالتالي تنخفض درجة حرارة الجسم ... كما يسلك الكلب مسلكًا مساعدًا ، فيلحس أرجله من جسمه ، ويبلل لسانه بلعابه ، فيتبخر هذا اللعاب ، وهو ما يفيده في خفض درجة حرارة جسمه » .
[/b]